• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    التقوى
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    نار الآخرة (10) سجر النار وتسعيرها
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: الفتاح
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    المحرم من الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    البدعة في الدين
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد ..}
    د. خالد النجار
  •  
    نهاية عام وبداية عام (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    التواصل العلمي الموضوعي بين الصحابة: عائشة وأبو ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    راحة القلب في ترك ما لا يعنيك
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإلحاد
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإسلام يدعو إلى العدل
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من مائدة التفسير سورة قريش
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    عناية النبي - صلى الله عليه وسلم- بحفظ القرآن ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    خطبة: فوائد الأذكار لأولادنا
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

طامات عقدية بفيلم "حياة شهيد"

محمد فريد فرج فراج

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/11/2016 ميلادي - 22/2/1438 هجري

الزيارات: 4538

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

طامات عقدية بفيلم

"حياة شهيد"


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العْالمينَ، وَالصَّلَاةُ والسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِيْنَ صلى الله عليه وسلم.

طامات عقدية بفيلم "حياة شهيد"...

 

لم أتمالك دموع عيني عند مشاهدة الفيلم الشهير بـ: "حياة شهيد"، ولم يكن بكائي تأثرًا بالفيلم البتة، وإنما كان لأمرين عظيمين:

الأمر الأول: معاول الهدم والتدمير التي رفعها الفيلم لنسف العقيدة الإسلامية نسفًا كاملًا.

الأمر الثاني: عدم انتصاب مشاهير الدعاة لبيان الطامات العقدية بالفيلم؛ حتى من تناولوه بالنقد نقدوه من نواحٍ سياسية، وأدبية، وحرفية بعيدًا عن طاماته العقدية!

ولكن: أين العقيدة التي حاول الفيلم نسفها من قلوب المسلمين نسفًا؟!

أما للعقيدة أُسْدٌ يزأرون لحمايتها؟!

أما للعقيدة حماة يدفعون نحورهم دون نحرها لتبقى؟!

 

لن أمس المقاصد السياسية للفيلم، ولا حرفيته الأدبية، فعلى غير هذين تقرح فؤادي، وطال سهادي، ولسواهما جردت قلمي.

إِنَّها العقيدةُ يا أبناء ديني وإخوة ملتي! العقيدة والعقيدة وحدها، ولا شيء غيرها!

إذ حاول صانعوا الفيلم هدم الأسس العقدية في الإسلام، ومن أهمها عقيدة البعث والنشور، والعقيدة المتعلقة بحقيقة الشهيد في الإسلام.

وحتى لا يكون الكلام مرسلاً نتدبر حقيقة الأمر من خلال بعض الكلمات الواردة بالفيلم.

 

جاء في كلمات الممثلة لدور أم المجند الفقيد ما نصه:

"بيقولوا اللي حارب مماتش.

بيقولوا إنه حي.

أنا المكان الزمان أنا التراب والأرض أنا الأم.

فيها الملائكة مرفرفة.

أنا ابني حي".

وعند تمثيل حفر التفريعة الجديدة "لقناة السويس" جاء على لسان الجندي الفقيد ما نصه:

وذلك في بداية الحفر وظهور رفاته:

"إده؟!؟! إنتوا مين؟!؟!...

سنين... سنين إيه....

هو إحنا فين؟؟؟؟؟ إحنا أمتى ؟؟؟؟؟

قبل الضرب بلحظة واحدة كنت هنا

انتصرنا؟!؟!.... "لم يكن يعلم بنصر أكتوبر"

ومن كانوا معي أين هم

وبعد سؤاله عن أفراد الكتيبة؛ كرر سؤاله:

هو أنا فين ..........."

وفي النهاية قال:

كنت عارف إني هقوم تاني

هموت علشان مصر".

وفي كلام الممثل لدور المهندس مسئول الحفر قال عند البلاغ؛ ما نصه: "حصلنا على رفات المجند شهيد".

وفيما يلي بيان الحكم الشرعي لبعض الطامات الواردة في الفيلم.

 

الطامة الأولى/ تجهيل كلام الله سبحانه وتعالى.

وذلك في قول ممثلة دور الأم: ((بيقولوا)).

والسؤال: من الذين يقولون؟

كان الواجب أن تقول إحدى الآيتين الكريمتين:

الآية الأولى، قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ [1].

الآية الثانية، قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [2].

 

ويبقى السؤال: لماذا أعرضت الممثلة عن الآيتين الكريمتين واختارت ما قالت، أو بصورة أدق: لماذا اختار لها كاتب الحوار ذلك الكلام؟!

إن الإجابة على هذا السؤال تظهر عند بيان الطامة الثانية.

 

الطامة الثانية/ إفساد عقيدة الشهيد.

لقد اختار كاتب الحوار هذه الكلمات وأعرض عن الآيتين الكريمتين ليعضد العقيدة الفاسدة التي أرادوا ترويجها عن الشهيد.

إذ هم ليسوا متقبلين لعقيدة الشهيد كما رسختها الآية القرآنية؛ فاستبدلوا كلماتهم الضالة بالآيات النورانية؛ وقالوا: "اللي حارب مماتش".

وذلك رغبةً منهم في تحقيق عدة ضلالات:

الضلال الأول/ إدخال غير المسلم تحت اسم الشهيد.

الضلال الثاني/ جعل الشهيد هو من مات في سبيل الوطن وليس في سبيل الله سبحانه وتعالى.

ثم يتم بعد ذلك اختزال الوطن في حماية النظام المتسلط على البلاد بغض النظر عن مدى مشروعيته!

وبهذا يتم تسخير المعاني الدينية لخدمة الأغراض الخبيثة بعد تحريفها!

وللشهيد في الإسلام عقيدة خاصة، فليس كل من حارب في الجنة، وليس كل من حارب فهو شهيد.

فلا يكون شهيدًا إلا إذا كانت نيته خالصةً لوجه الله سبحانه وتعالى.

 

وعلى ذلك أدلة كثيرة على رأسها الآيتان المذكورتان:

ومنها الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، ثُمَّ مَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ، وَيُقَاتِلُ لِلْعَصَبَةِ، فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، لَا يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي بِذِي عَهْدِهَا، فَلَيْسَ مِنِّي))[3].

 

ومنها الحديث عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ قَالَ: ((جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»))[4].

 

فقد أخبر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الذي يقاتل تحت راية قومه عندما يقاتلون، ولا يعنيه إذا كانوا على الحق أو الباطل فهو يقاتل عصبية تحت راية عمياء وهذا مصيره في النار عياذًا بالله.

 

فتعريف الشهيد حصريًا من فمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، وليس من يقاتل تحت راية قومه، ونصرة لهم بعيدًا عن ميزان الحق والباطل.

طبعًا هناك أنواع متعددة من الشهادة وليس هذا موضع تفصيلها، ولكن الشهادة التي نتناولها الآن شهادة الحرب.

 

أو بتعبير آخر:

ما الحرب التي يكون المقتول فيها شهيدًا؟

إنها الحرب المراد بها نصرة دين الله سبحانه وتعالى، وليست الحرب المراد بها نصرة القبيلة، أو القوم بغض النظر عن ميزان الحق، والباطل.

 

طبعًا أقول هذا لأن من المنافقين من يترك غرض الموضوع ويتكلم عن أنواع الشهداء بناء على أحاديث كثيرة وليس هذا موضع تفصيلها البتة.

وإنما القصد هو نفي المقولة الواردة: "بأن كل من حارب فهو شهيد لم يمت".

 

وأخيرًا فمن المواضع التي أرادوا بها تشويه عقيدة الإسلام في الشهيد من خلالها ما جاء على لسان الممثل الذي يلعب دور الشهيد، وهو يقول: ولو صحيت هموت علشان مصر!

 

ألا فليعلمن كل مسلم: أن الجنة ليست مكانًا لمن يموت لأجل قومية أو وطنية؛ بل الجنة مكان لشخص واحد فقط وهو من يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى.

كما جاءت بذلك كل الآيات والأحاديث.

 

الطامة الثالثة/ ادعاء الشهادة بلا دليل.

وذلك كما جاء على لسان ممثلة دور الأم إذ تقول: "بيقولوا إنه حي.. أنا ابني حي".

وفي كلام الممثل لدور المهندس مسؤول الحفر قال عند البلاغ؛ ما نصه: "حصلنا على رفات المجند شهيد".

وهذا عكس العقيدة الإسلامية.

 

فمهما ظهر الصلاح على الرجل، ومهما كثرت طاعاته الظاهرة، حتى وإن قُتِلَ في معركة مقدسة نص عليها القرآن والسنة، حتى وإن قُتِلَ بين يدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى وإن كان صحابيًا لا يجوز الحكم لأحد بالشهادة البتة إلا بنص صريح من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

فكم من رجل مات في حربه مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم حكم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه بالنار، ونقتصر على مثالين فقط من بين هذه الأمثلة الكثيرة.

 

المثال الأول: الحديث عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ، فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَسْكَرِهِ، وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فَقَالُوا: مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ ‍، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ أَبَدًا، قَالَ: فَخَرَجَ مَعَهُ، كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ، قَالَ: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟» قَالَ: الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا: «أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ»، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَنَا لَكُمْ بِهِ، فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ حَتَّى جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ))[5].

 

فهذا رجل قاتل المشركين مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتالًا لم يقاتله أحدٌ من المسلمين، ومع ذلك حكم عليه النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه في النار.

 

المثال الثاني: وهذا حدث أيضًا بخيبر، كما في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ قَالَ: ((افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ، وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً، إِنَّمَا غَنِمْنَا البَقَرَ، وَالإِبِلَ، وَالمَتَاعَ، وَالحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَادِي القُرَى، وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ[6]،حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ العَبْدَ.

 

فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ!

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ؛ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا.

فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شِرَاكٌ - أَوْ شِرَاكَانِ - مِنْ نَارٍ))[7].

 

فهذا رجل نال شرف عدة أمور:

1- شرف الإسلام.

2- شرف الصحبة للنبي صلى الله عليه وسلم.

3- شرف خدمة النبي صلى الله عليه وسلم.

4- شرف الجهاد في سبيل الله تعالى.

5- شرف الشهادة في سبيل الله تعالى.

 

ومع كلِّ هذا لم يشفع له شيءٌ من ذلك في معافاته من العذاب بسبب خيانته، وسرقته للعباءة من الغنائم قبل أن توزع، ولم يسكت النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل أعلن خبره على الملأ؛ حتى يكون عبرةً لمن يعتبر!

 

وبالفعل جاء رجل برباط يربط به نعله؛ أخذه من الغنائم بدون إذن، فلم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم: هذا شيء يسير، لا عليك أن تأخذه، بل قال له: شراك من نار، أو: حبل من نار، ولم يهون له النبي صلى الله عليه وسلم الأمر.

 

وفي هذه الواقعة جاء عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ قَالَ: ((لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ، أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فُلَانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَّا، إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا - أَوْ عَبَاءَةٍ -». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ، أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ»، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ: أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ))[8].

 

فقد أمر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن يعلن ذلك على الملإ حتى يعلم جميع المسلمين هذه العقيدة الثابتة في الإسلام.

 

وخلاصة هذه العقيدة كما علمها لنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((لا يجوز أن نحكم لأحد بالجنة مهما فعل إلا بنص قاطع من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)).

ولم تتوقف طاعة عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الإعلان على هذا الموقف؛ بل استمر الفاروق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يحذِّر النَّاس، ويعلنهم أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طول حياته، ومن ذلك ما جاء في الأثر عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءَ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ((لَا تُغَالُوا فِي صُدُقَ النِّسَاءِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا وَتَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ، كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا أُصْدِقَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ وَلَا مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، فَإِنَّ الرَّجُلَ يُغْلِي بِالْمَرْأَةِ فِي صَدَاقِهَا فَيَكُونُ حَسْرَةً فِي صَدْرِهِ، فَيَقُولُ: كَلَّفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ. قَالَ: فَكُنْتُ غُلَامًا مُوَلَّدًا لَمْ أَدْرِ مَا هَذِهِ؟ قَالَ: وَأُخْرَى: يَقُولُونَ لِمَنْ قُتِلَ فِي مَغَازِيكُمْ هَذِهِ: قُتِلَ فُلَانٌ شَهِيدًا، أَوْ مَاتَ فُلَانٌ شَهِيدًا، وَلَعَلَّهُ يَكُونُ قَدْ أَوْقَرَ عَجُزَ دَابَّتِهِ، أَوْ دَفَّ رَاحِلَتِهِ ذَهَبًا، أَوْ وَرِقًا يَطِلُبُ التِّجَارَةَ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ»))[9].

فعلى هذه العقيدة يجب أن نربي أبناءنا أنه لا يجوز الجزم لأحد بالجنة مهما فعل إلا بنص قاطع من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

الطامة الرابعة/ نسبة الدهر للمرأة.

وذلك في قول الممثلة إذ تقول: "أنا المكان الزمان ...".

وهذا عكس قوله سبحانه وتعالى بالحديث القدسي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عز وجل: ((يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ))[10].

والدهر هو الزمان!!!

فالله سبحانه وتعالى يقول: ((وَأَنَا الدَّهْرُ)).

والممثلة تقول: " أنا الزمان".

فمن نصدق أيها المسلمون الموحدون؟!

 

الطامة الخامسة/ إنكار البعث، وعذاب القبر ونعيمه.

وذلك كما يظهر في مقطع انبعاث المجند من مرقده مرة أخرى في أثناء الحفر، وخروجه كالأبله المتحير الذي لا يعرف أي شيء عما يجري، وتساؤلاته البلهاء:

"إده إنتوا مين...

سنين ... سنين إيه....

هو إحنا فين؟؟؟؟؟ إحنا أمتى ؟؟؟؟؟

قبل الضرب بلحظة واحدة كنت هنا

انتصرنا؟!؟!.... "لم يكن يعلم بنصر أكتوبر"

ومن كانوا معي أين هم

وبعد سؤاله عن أفراد الكتيبة؛ كرر سؤاله:

هو أنا فين ..........."

فقد كرر مرارًا قوله: "هو أنا فين"

وهذه العبارة تصادم عقيدة البعث مصادمة صريحة واضحة، إذ الميت بعد موته إمَّا في روضة من رياض الجنة، أو في حفرة من حفر النار، وهو يعرف أين هو بالضبط.

 

وذلك كما ورد في أحاديث عدة منها حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ وجاء فيه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال على العبد المسلم بعد موته يقول له سبحانه وتعالى: ((«أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ». قَالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا، وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، وَمَالِي)).

 

وأمَّا الكافر: ((فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ، فَافْرِشُوا لَهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا، وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ))[11].

ومع حكمهم على المجند بالشهادة فقد صوروه في صورة الأبله الأحمق الذي بعث في ذات الموضع الذي لقي فيه حتفه!

 

وفي هذا تكذيب صريح بمصير الشهيد الذي أخبرنا به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمواضع عدة منها:

الحديث عَنْ مَسْرُوقٍ؛ قَالَ: ((سَأَلْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾[12]. قَالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ؛ فَقَالَ: «أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلَاعَةً»، فَقَالَ: "هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟" قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا! فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا، قَالُوا: يَا رَبِّ! نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا))[13].

 

ومنها الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَهَا وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا وَتَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ فَلَمَّا رَأَوْا حُسْنَ مَقِيلِهِمْ وَمَطْعَمِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ قَالُوا: يَا لَيْتَ قَوْمَنَا يَعْلَمُونَ مَا صَنَعَ اللَّهُ لَنَا كَيْ يَرْغَبُوا فِي الْجِهَادِ وَلَا يَتَّكِلُوا عَنْهُ , فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِنِّي مُخْبِرٌ عَنْكُمْ وَمُبَلِّغٌ إِخْوَانَكُمْ فَفَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا بِذَلِكَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾[14]. إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾[15]))[16].

 

ومنها الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ قَالَ: ((جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: أَنِ ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ.

 

يُقَالُ لَهُمْ: الْقُرَّاءُ، فِيهِمْ خَالِي حَرَامٌ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ يَتَعَلَّمُونَ، وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَحْتَطِبُونَ فَيَبِيعُونَهُ، وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ وَلِلْفُقَرَاءِ، فَبَعَثَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَعَرَضُوا لَهُمْ، فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْمَكَانَ، فَقَالُوا: اللهُمَّ، بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ، وَرَضِيتَ عَنَّا، قَالَ: وَأَتَى رَجُلٌ حَرَامًا، خَالَ أَنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ، فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أَنْفَذَهُ، فَقَالَ حَرَامٌ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: " إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا، وَإِنَّهُمْ قَالُوا: اللهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ، وَرَضِيتَ عَنَّا))[17].

 

ومنها الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ قَالَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَأَنَّ لَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ، غَيْرُ الشَّهِيدِ، فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ، لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ»[18].

 

فكلُّ هذه الأحاديث الصحيحة وغيرها تؤكد أن الشهيد يدخل الجنة، وأن روحه تسرح بالجنة حيث شاءت، وهو يعلم أنَّ سبب دخوله الجنة هو قبول الله سبحانه وتعالى لجهاده وشهادته في سبيله عز وجل.

 

فالشهيد يعلم مكانه وهو الجنة كما يعلم سبب وجوده في هذا المكان وهو قبول الله سبحانه وتعالى لعمله الصالح وهو الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى والشهادة لرفع راية التوحيد.

 

بل والشهيد يتمنى العودة للدنيا حتى يقتل في سبيل الله سبحانه وتعالى، وذلك لما يراه من الكرامة جزاءً على صدقه وإخلاصه في جهاده في سبيل الله سبحانه وتعالى، وشهادته لنصرة الحق.

 

ومن ثمَّ فظهور من يصفونه بالشهيد في هذا الموقف الأبله وهو يتساءل في حمقٍ مفرط: "أين أنا" يتناقض تناقضًا واضحًا، ويتصادم مصادمةً جليةً مع العقيدة المستفادة من كل الأحاديث السابقة، وغيرها من النصوص الشرعية.

 

نقطة أخرى:

تساؤل الممثل الذي يمثل دور الشهيد بقوله: " كنت عارف إني هقوم تاني".

هل القيامة والبعث يقصد بهما أنَّ النَّاس عندما يحفرون عن الجثة تبعث روح الشهيد بهذه الصورة الخرقاء التي صورها الفيلم؟!

حاشا لله!

هل معنى هذا أننا إذا حفرنا قبر أي شهيد سيبعث من قبره سفيهًا أبله يتساءل بهذا الحمق المفرط: "أين أنا"؟!

هل هذا هو البعث المقصود؟!

حاشا لله!

إن قضيتي البعث والنشور قضيتان منفصلتان عن مكان الجسد انفصالًا تامًا، فالبعث والنشور يقعان يوم القيامة لكل الناس بمختلف أماكنهم.

وسواءٌ أدفن الميت، أم لم يدفن، وسواءٌ حفر عن قبره أم لم يحفر؛ فلن يُبْعَثَ الميتُ ولو كان شهيدًا إلا يوم القيامة!

هذه عقائد أصيلة لا تحتمل التأويل البتة.

وهي التي رفع الفيلم معاول هدمها والله حائل بينهم وبين ذلك إن شاء الله.

وأخيرًا / ما أعظم حزني على سكوت الكثير من الدعاة عن هدم ثوابت العقيدة.

وأعلم أن البعض يقول ليس عنده تلفاز، ولا يشاهد ذلك.

أقسم بالله العظيم ليس عندي تلفاز، ولكن هذا من الفيديوهات الشهيرة التي يتناقلها الناس إما إعجابًا بها، أو ذمًا لها.

 

وأنا أسمع الكثير من الدعاة يعلقون على بعضهم بحماس شديد، بل ومنهم من يقوم بهجمات فدائية ضد بعض الصالحين لمجرد أنه قال كلمة تحتمل أوجه كثيرة فأبى أن يحملها على أسوأ وجوهها.

فهل الذي ينقلون الفيديوهات للدعاة لا ينقلون إليهم مثل هذه الفيديوهات؟!

وترى ما سبب ذلك مع خطورة هذه الفيديوهات على صلب العقيدة الإسلامية؟!

اللهم اهدنا سواء السبيل وارزقنا الإخلاص واجعلنا ممن يقولون الحق ولا يخافون فيك لومة لائم.

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ، وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.



[1] [البقرة: 154].

[2] [آل عمران: 169، 170].

[3] [صَحِيحٌ] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (7944)، وَمُسْلِمٌ (1848).

[4] [صَحِيحٌ] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (19493)، وَالْبُخَارِيُّ (7458)، وَمُسْلِمٌ (1904).

[5] [صَحِيحٌ] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (22813)، وَالْبُخَارِيُّ (6493)، وَمُسْلِمٌ (112).

[6] عائر: لا يعلم من رماه.

[7] رواه البخاري (4234)، ومسلم (115).

[8] [صَحِيحٌ] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (203)، وَمُسْلِمٌ (114).

[9] [صَحِيحٌ] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (10399)، وَأَبُوْ دَاوُدَ (2106)، وَالتِّرْمِذِيُّ (1114)، وَالنَّسَائِيُّ (3349)، وَابْنُ مَاجَه (1887).

[10] [صَحِيحٌ] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (7245)، وَالْبُخَارِيُّ (4826)، وَمُسْلِمٌ (2246).

[11] [صَحِيحٌ] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (18534).

[12] [آل عمران: 169].

[13] [صَحِيحٌ] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (2388)، وَمُسْلِمٌ (1887).

[14] [آل عمران: 169].

[15] [آل عمران: 171].

[16] [حَسَنٌ] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (2388)، وَأَبُوْ دَاوُدَ (2520).

[17] [صَحِيحٌ] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (12064/ 12402)، وَالْبُخَارِيُّ (3064)، وَمُسْلِمٌ (677).

[18] [صَحِيحٌ] رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (12003)، وَالْبُخَارِيُّ (2795)، وَمُسْلِمٌ (1877).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صديقي الشهيد
  • علو منزلة الشهيد

مختارات من الشبكة

  • هولندا: مخرج الفيلم المسيء يصور فيلم " عظيم الإنسانية " عن النبي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بريطانيا: مواجهة المفاهيم المغلوطة بفيلم قصير عن الإسلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أوكرانيا: فيلم ماليزي عن حياة المسلمين في القرم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إيطاليا: عرض فيلم وثائقي عن حياة المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بريطانيا: اعتراضات إيرانية على فيلم شبكة بي بي سي عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الهند: المسلمون يطالبون بحظر فيلم يسيء للإسلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الهند: جمعية إسلامية تطالب بحظر الفيلم المسيء للنبي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تأصيل النوازل العقدية وتطبيقاتها (2)(مادة مرئية - موقع د. زياد بن حمد العامر)
  • تأصيل النوازل العقدية وتطبيقاتها (1)(مادة مرئية - موقع د. زياد بن حمد العامر)
  • من فيلم "فتنة" إلى مسلم مدافع عن حقوق المسلمين!(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/12/1446هـ - الساعة: 21:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب